إيران واستعدادها للتفاوض غير المباشر مع واشنطن: مناورة أم تغيير في النهج؟

إيران واستعدادها للتفاوض غير المباشر مع واشنطن: مناورة أم تغيير في النهج؟
أعلنت إيران مؤخرًا استعدادها لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة، في خطوة أثارت العديد من التساؤلات حول أهدافها الحقيقية وما إذا كانت تعكس مناورة سياسية أم إدراكًا لضرورة التكيف مع المتغيرات الدولية. جاء هذا الإعلان على لسان كمال خرازي، رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران، في 27 مارس 2025، حيث أكد أن بلاده لم تغلق جميع أبواب التفاوض لكنها ترفض الحوار المباشر تحت الضغوط.
التوقيت والسياق السياسي
يأتي هذا التطور وسط استمرار التوتر بين طهران وواشنطن، الذي تصاعد منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في 2018 وإعادة فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران. في هذا السياق، صرّح وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في 24 مارس 2025، بأن إيران لا تمانع المفاوضات غير المباشرة، لكنها ترفض الدخول في أي حوار مباشر مع الولايات المتحدة ما دامت العقوبات والتهديدات العسكرية قائمة.
الشروط الإيرانية للمفاوضات
في 25 مارس 2025، حددت إيران ثلاثة شروط أساسية لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن، وهي:
1. تعليق العقوبات الأمريكية خلال فترة المفاوضات لضمان عدم استخدامها كأداة ضغط على إيران أثناء المحادثات.
2. وقف التهديدات العسكرية الأمريكية والإسرائيلية لتوفير بيئة تفاوضية مستقرة.
3. عدم فرض شروط مسبقة على الملف النووي أو سياسات إيران الإقليمية قبل بدء أي حوار.
هذه الشروط تعكس إصرار طهران على الدخول في أي مفاوضات من موقع قوة، وليس كطرف خاضع للإملاءات الأمريكية.
التحركات الأمريكية ورد الفعل الإيراني
تزامن هذا الإعلان الإيراني مع تقارير عن رسالة وجهها الرئيس الأمريكي إلى المرشد الأعلى الإيراني في منتصف مارس 2025، يقترح فيها استئناف المفاوضات، مع وضع إطار زمني للوصول إلى اتفاق جديد. يبدو أن واشنطن تحاول اختبار مدى استعداد طهران لتقديم تنازلات، فيما تحاول إيران استغلال الوضع الدولي، وخاصة انشغال الولايات المتحدة بأزمات مثل أوكرانيا والتوتر مع الصين، لتعزيز موقفها التفاوضي.
هل المفاوضات غير المباشرة مقدمة لحوار مباشر؟
التاريخ الدبلوماسي الإيراني يشير إلى أن المفاوضات غير المباشرة كانت في كثير من الأحيان مقدمة لحوارات مباشرة، كما حدث قبل الاتفاق النووي لعام 2015. لكن هذه المرة، يبدو أن إيران تحاول كسب الوقت بقبولها الشكل غير المباشر للحوار، دون تقديم تنازلات كبيرة منذ البداية.
النتيجة المحتملة: مناورة أم تغيير حقيقي؟
قبول إيران بالحوار غير المباشر يعكس فهمها بأن العزلة الدولية لم تعد خيارًا مستدامًا، لكنه لا يعني بالضرورة أن طهران مستعدة لتقديم تنازلات كبيرة. السؤال المطروح الآن هو: هل تستطيع إيران تحقيق مكاسب حقيقية عبر هذه الاستراتيجية، أم أنها ستجد نفسها في النهاية مضطرة للجلوس إلى طاولة الحوار المباشر من موقع أضعف؟ الأيام القادمة وحدها ستكشف عن مدى نجاح هذا النهج.