الجامعة العربية بين الإصلاح والمغامرة
يقف العالم العربي اليوم على مفترق طرق خطيرة، وان مواكبة التحولات العاصفة التي مرّت بها المنطقة من انهيارات الربيع العربي إلى التحديات الأمنية والاقتصادية إلى بروز قوى إقليمية ودولية جديدة تتداخل في الشأن العربي تحتاج لشخص يواكب كل ما يجري بشكل دقيق ومفصل. صوت الجامعة العربية الرسمي ومتحدثها الدائم في كل القضايا الكبرى لخمس سنوات وامينها العام المساعد لتسع سنوات جعلته حاضرًا في الميدان السياسي والفكري لانه يعرف دهاليز المؤسسة من الداخل ويُدرك صعوبة التوافقات العربية وطرق إدارتها ويعي أنّ القيادة هنا لا تعني إدارة الأزمات فقط بل استباقها ببناء أدوات مؤسسية للتعامل معها، وهذا الامتداد الزمني في قلب المؤسسة العربية مكّنه من الاطلاع على أدق تفاصيل الملفات ما يعني التراكم المعرفي والميداني داخل المؤسسة، السفير حسام زكي لم يكن مجرد موظف إداري بل كان نبض الجامعة العربية الفاعل، المعروف بحنكته و صبره ودبلوماسيته، وكل ذلك يؤهله لقيادة البيت العربي من موقع المعرفة والخبرة والقدرة على نسج التوازنات وبما راكمه من حضور عربي فاعل يمثل خيارًا عقلانيًا وآمنًا بل وضروريًا لتجنيب العالم العربي أي أزمة إضافية في زمن لم يعد يحتمل المزيد من التجارب غير المحسوبة. وان صوت العقل والتاريخ يقول ان المرحلة تتطلب خبرة حيّة لا ذاكرة بعيدة، واستمرارية لا انقطاعًا، وواقعية لا شعارات، وفي هذا الميزان يبقى حسام زكي الأجدر والأقدر على حمل الأمانة.
وفي لحظة عربية مأزومة يصبح السؤال عن الأمين العام المقبل للجامعة العربية سؤال وجود لا مجاملة، فالموقع ليس ترفًا بروتوكوليًا بل عقل الجماعة وصوتها في زمن الانقسام .