المقالات

من غدير خُمّ إلى تل أبيب.. حين كتبت الصواريخ بيعة الولاية” رسول حسين أبو السبح 

“من غدير خُمّ إلى تل أبيب.. حين كتبت الصواريخ بيعة الولاية”

 

رسول حسين أبو السبح

منذ أربعة عشر قرنًا، في بقعةٍ تسمّى “غدير خُمّ”، وقف نبيّ الإسلام الأعظم محمد صلى الله عليه وآله يرفع يد وصيّه علي بن أبي طالب عليه السلام معلنًا للأمة: “من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه”. كانت لحظة تأسيس ولاية الحقّ على باطل الجاهلية، لحظة تحوّلت فيها القيادة من نبوة إلى إمامة، من وحي السماء إلى عقلٍ معصومٍ يسير بالأمة نحو العدل.

 

لكن غدير خُمّ لم يكن مجرّد لحظة تأريخية جامدة، بل تحوّل إلى عقيدة حية تسري في عروق الشعوب المستضعفة، فتتحوّل البيعة إلى بندقية، والولاء إلى صاروخٍ باليستي، تُطلقه يدٌ شيعية مقاومة، لا ترتجف.

 

عندما يصير الغدير ثورة.

الحديث عن غدير خُمّ ليس حديثًا عن ماضٍ غابر، بل عن فكر مقاوم لا يعترف بحدود الجغرافيا ولا بقوانين الاستكبار. إنّ الغدير – كما يراه الإمام الخامنئي دام ظله – ليس مناسبة احتفالية، بل لحظة استنهاض لوعي الأمة وإعادة تموضعها في جبهة الولاية، جبهة الحقّ في مواجهة الباطل. ولهذا، حين تقصف إيران تل أبيب في عيد الغدير، فإنها لا تعبّر عن نشوة انتصار فحسب، بل تترجم تلك البيعة الأولى في غدير خُمّ إلى بيان سياسي عسكري صارم: نحن أبناء علي، نثأر للحسين في غزة!

 

صواريخ تخطب باسم عليّ.

لقد أطلقت الجمهورية الإسلامية الإيرانية في عيد الغدير ضرباتها العسكرية الدقيقة ضد الكيان الصهيوني، في توقيتٍ له من الرمزية ما يفوق التفسير العسكري. صواريخ “خيبر شكن”، و”قيام”، و”سجّيل”، ليست مجرد أدوات حربية، بل هي خطابات عقائدية ممهورة بتوقيع الغدير. وكأنّ هذه الصواريخ تهتف، “يا أهل العالم، من كنت مولاه، فالصاروخ مولاه…!”، في كل ضربة، كانت إيران تعيد رسم خريطة الشرق الأوسط بلون الدم الطاهر، دم الأطفال في غزة، دم الشهداء في جنين، ودماء سليماني وأبو مهدي في بغداد.

 

الغدير كمنهج استراتيجي.

في العقل الاستراتيجي الإيراني، لا تُفصل العقيدة عن القرار السياسي أو العسكري. الغدير ليس حدثًا دينيًا منفصلًا عن الجغرافيا والصراع، بل هو بوصلة تحدّد التحالفات والاصطفافات. وبهذا الفهم، فإنّ الغدير اليوم هو ما يفصل بين حاكمٍ مستبد يُوالي واشنطن، وقائدٍ مقاوم يرفض الاستسلام لإسرائيل.

 

إنها إستراتيجية الولاء للحقّ، التي تُترجم ميدانيًا على شكل دعم لحركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن، ودبلوماسيًا على شكل تحدٍ عالميّ للهيمنة الأمريكية.

 

حين تنطق الصواريخ بالفلسفة.

هل يمكن أن تكون الصواريخ أداة فلسفية؟ نعم، في مدرسة الإمام الخميني قدس سره، تتحوّل البنادق إلى أفكار، وتتحوّل الأفكار إلى زلازل سياسية. لقد وضع الإمام مبدأ “لا شرقية ولا غربية” كمرتكز لرفض التبعية، ثم جاء الإمام الخامنئي ليضيف عليه صلابة “نحن أبناء الغدير، لا نساوم على الحقّ”.

 

في هذا الإطار، فإنّ كل طلقة إيرانية على الكيان الصهيوني ليست فقط ردًّا على عدوان أو اغتيال، بل ترجمة عملية لفلسفة الغدير في القيادة والعدالة والمواجهة.

 

تل أبيب بين السماء والرماد.

حين سقطت الصواريخ على تل أبيب في عيد الغدير، لم تكن الأرض تهتز فقط، بل السماء أيضًا. وكأنّ السماء استجابت لنداء “يا سمائي أمطري!” فكانت الأمطار نارًا تُحوّل رمزية العيد إلى قصفٍ إلهيٍّ موجّه. وفي ذروة القصف، كتب أحدهم على جدارٍ تهشّم في تل أبيب: “هذا من غدير خُمّ…”

 

إنّ للحقّ يدًا طويلة. وقد كانت اليد الإيرانية في ذلك اليوم امتدادًا ليد عليّ بن أبي طالب حين ضرب مرحبًا في خيبر، ضربةٌ ما بعدَها كفرٌ ولا كيان.

 

حين يصير الغدير جبهةً إعلامية.

في عصر الإعلام، تحوّلت رمزية الغدير إلى مادة تعبئة واستنهاض في كل الجبهات. من هاشتاغات مثل #غدير_المقاومة و#إيران_تقصف و#ولاية_الحق، إلى قصائد تُغنّى على لسان الحوثيين في صنعاء، ومجاهدين في بغداد، ومرابطين في جنين.

 

وقد فطن الإعلام الصهيوني إلى خطورة هذا التوظيف العقائدي للرموز الدينية، فأخذ يحلّل بقلق: هل تحوّل الغدير إلى محفز للهجوم الصاروخي؟، والجواب واضح، نعم، فحين تكون العقيدة صادقة، تتحوّل إلى سلاح جماهيريّ مدمر.

 

وصية الغدير لا تُنسى ولا تُنسّق.

من غدير خُمّ إلى غزّة، ومن ضربة الإمام علي في خيبر إلى صاروخ “خيبر شكن” في تل أبيب، خطّ واحد من البيعة والمقاومة يمتدّ. خطّ لا يمكن لأحد شطبه من الجغرافيا ولا من التاريخ، لأنه كتب بدماء الشهداء، وأُعلن بصوت النبي، وأُعيد توقيعه بأصوات الصواريخ.

 

فيا أيها العالم، افهموا الدرس، من كنتَ له غديرًا، فكن له خيبرًا، ولا تسأل من أطلق الصاروخ، بل اسأل: لمن ولاؤك؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار