وكالة شعاع نيوز تنشر نص الحوار الخاص مع السيدة إيمان محمد الشيباني مسؤولة اللجان النسوية في منظمة بدر – النجف الأشرف

📍 حوار خاص مع السيدة إيمان محمد الشيباني
مسؤولة اللجان النسوية في منظمة بدر – النجف الأشرف
حاورها: رسول حسين أبو السبح
📌 محور الوعي والبداية
1. بدايةً، نود أن نعرف منكم: متى بدأ وعيكم برسالة المقاومة؟ وما الذي دفعكم لاختيار طريق الانتماء إلى منظمة بدر؟
“منذ نعومة أظفاري كان الهمّ العقائدي يسكنني، فقد تربيت في بيتٍ يحترق قلبه شوقًا للحسين ويزهر ولاءً لآل محمد. وعيتُ على أن للحق طريقًا، وللحق رجالًا ونساءً، وأن الساكت عن الظلم شيطان أخرس. كانت صور الشهداء في جدران النجف توحي لنا أن هذا الطريق ليس للرجال فقط، بل هو درب مَن باعوا أنفسهم لله، نساءً كنّ أو رجالًا. عام 2020 كان المحك الحقيقي، من هناك كان انتمائي لبدر امتدادًا طبيعيًا لفكرٍ عشناه، ووجدانٍ تربينا عليه.”
2. كيف كانت اللحظة الأولى التي انخرطتم فيها بالعمل النسوي المقاوم؟ وهل كانت البيئة النجفية مهيأة لتقبّل هذا الدور في بداياته؟
“كانت اللحظة الأولى عبارة عن صدمة وجدانية؛ حين رأيت أن كثيرًا من احتياجات المجتمع النسوي تُهمّش في زمن كانت فيه المرأة النجفية تعاني من صمتٍ ثقيل. أخذتُ على عاتقي أن أكون همزة وصل بين المبادئ الإلهية والتطبيق العملي. لم تكن البيئة مهيأة كما هي اليوم، ولكن كانت هناك أرض خصبة من الإيمان يمكن زراعتها، وقد زرعناها بصبر وقمنا بسقيها بالدمع والجهد حتى أينعت.”
📌 محور المرأة النجفية، هوية وقضية
3. كيف تصفين المرأة النجفية في نظر التاريخ؟ وهل تعتقدين أنها حافظت على هذا الإرث في زمن التحديات المعاصرة؟
“المرأة النجفية عبر التاريخ هي ظل الحوزة، ومرآة المرجعية، وجذوة الثورة. حافظت على بيتها كما حافظت على قضيتها، وكانت دومًا سندًا للرجل المقاوم. رغم التحديات التي حملتها العولمة والتغريب، لا تزال النجفية شامخة، تأبى أن تُستلب هويتها.”
4. ما الذي يميز المرأة في النجف عن غيرها من النساء العراقيات، من حيث البنية الثقافية والدينية والاجتماعية؟
“النجف ليست مدينة كباقي المدن، إنها مدرسة للروح. المرأة فيها تنشأ في مناخات مرجعية، حيث الفقه والتفسير والعفاف جزءٌ من المائدة اليومية. وهذا يمنحها عمقًا دينيًا، ونضجًا اجتماعيًا لا يتكرر، ويجعلها تختلف بوضوح عن باقي النساء في البنية الثقافية والسلوكية.”
📌 محور المرأة والمقاومة داخل بدر
5. تُعد منظمة بدر من أوائل التشكيلات التي منحت للمرأة مساحة عمل تنظيمية، كيف تطورت هذه المساحة مع مرور الزمن؟
“أستطيع القول إن بدر سبقت عصرها في هذا الجانب. كنا نُعامل كعنصر فعّال منذ الأيام الأولى، واليوم أصبح لنا صوت، وموقع، وقرار. لم نُعطَ مساحة كمنحة، بل اكتسبناها بالعمل، والثقة، والتضحيات. كذلك فإن منظمة بدر أعطت المرأة مكانة خاصة فكان لها الدور البارز في العملية السياسية.”
6. ما أبرز المهام التي تضطلع بها اللجان النسوية في المنظمة اليوم؟ وهل هناك مشاركة حقيقية في العمل التربوي، الثقافي، والإغاثي؟
“اللجان النسوية اليوم أشبه بخلية نحل: نعمل في المحاضرات التثقيفية، والدورات العقائدية، والبرامج التربوية للأمهات والفتيات، ومشاريع الإغاثة للنازحين والأيتام. نحن حاضرات حيث يُطلب منا، لأننا نؤمن أن المقاومة ليست فقط بندقية، بل كلمة وموقف وعطاء.”
7. كثيرًا ما يُتهم خط المقاومة بأنه ذكوري أو مغلق، ما ردّك كمسؤولة نسوية في بدر على هذا الادعاء؟
“الرد على هذا الاتهام هو في الميدان، في الدروس، في الخنادق التربوية، وفي دموع أمهات الشهداء. نحن نمارس القيادة على الأرض، لا بالشعارات. وإذا وُجد خلل في بعض المفاصل، فنحن أول من يعمل على إصلاحه من الداخل، لا بالتشكيك، بل بالثقة والانتماء. كذلك فإن بدر كانت ولا تزال حاضنة للمرأة من خلال مكاتبها النسوية في جميع فروع المنظمة.”
📌 محور الوعي الاجتماعي والخدمة
8. كيف تتعاملون مع التحديات الاجتماعية في النجف، كالفقر، واليُتم، والطلاق، والمخدرات؟ وهل لديكم مشاريع نسوية للتدخل والمساندة؟
“نعمل كجهاز إنذار مبكر. اللجان النسوية ترصد، وتحلل، وتقترح، وتنفّذ. أطلقنا برامج دعم نفسي للفتيات اليتيمات، وحلقات تثقيفية للنساء المطلقات، ولدينا نشاطات دائمة في الأحياء الهشة لمواجهة آفة المخدرات بالموعظة والمعالجة الأسرية، وبالتنسيق مع دوائر الدولة المعنية.”
9. ما هي العلاقة بين لجانكم النسوية ومؤسسات الدولة أو المرجعية أو الجمعيات الأهلية في النجف؟ وهل هناك تنسيق عملي في المشاريع المجتمعية؟
“نحن على تواصل دائم مع الدوائر المعنية، ولدينا شراكات رسمية وأهلية. لا نعمل بمعزل عن المرجعية، بل نعتبر أنفسنا جنودًا في معسكرها الأخلاقي. التنسيق مع مؤسسات الدولة قائمٌ على خدمة المواطن، لا على تسجيل النقاط. كما وأن للحاج محسن التميمي مسؤول منظمة بدر النجف الاشرف، الدور البارز في تسهيل عمل المكتب النسوي، من خلال تضامنه اللامحدود، شاكرين جهوده المباركة.”
📌 محور بناء الجيل النسوي
10. ما هي مشاريعكم لتأهيل الفتيات فكريًا وعقائديًا؟ وكيف تحصّنون الأجيال الجديدة من الغزو الثقافي والحرب الناعمة؟
“نؤمن أن التحصين يبدأ من داخل العائلة. لذا أطلقنا مبادرات “أجيال عقائدية”، وهي دورات تربوية تبدأ من الأمهات. كما أسسنا مجموعات شبابية للبنات تحت إشراف كادر نسوي متخصص في الفقه والإعلام، بهدف بناء وعي نسوي مقاوم. ونركز في عملنا اليوم على التكليف الشرعي (التبيين) كما جاء في نصوص السيد القائد الخامنئي دام ظله.”
11. ما حجم التفاعل الذي تلمسونه من فتيات النجف اليوم مع أنشطة المنظمة؟ وهل ترين أن هناك وعيًا يتشكل في أوساطهن؟
“نعم، هناك وعي في طور التكوّن. لم نعد في زمن القوالب الجاهزة. فتيات النجف يسألن، يقرأن، يحلّلن، وهذا يعكس بيئة خصبة للتأثير. تفاعلنا كبير جدًا في الندوات والدورات، بل نلاحظ حماسًا للعمل التطوعي بشكل تصاعدي. كذلك نتمنى زيادة الدعم من الجهات المختصة لنكون أكثر فاعلية.”
12. كيف تتعاملون مع المتغيّرات الثقافية، كالإعلام الإلكتروني، والتيك توك، ومظاهر التغريب التي تستهدف فتيات العراق؟
“لا نكتفي بالتحذير، بل نغزو الساحة بفكرنا. أنشأنا منصات تواصل تهدف إلى نشر الوعي المقاوم، وننتج محتوى يُخاطب الفتاة بلغتها وبوسائلها. نواجه التغريب بالعمق العقائدي، وبفهم الواقع لا تجاهله.”
📌 محور القدوة والهوية
13. من هي قدوتكم في العمل النسوي المقاوم؟ وهل تستلهمون شيئًا من شخصيات مثل السيدة زينب عليها السلام أو الشهيدات في صفوف بدر؟
“السيدة زينب عليها السلام هي قمر دربنا، وهي الصوت الذي لم ينكسر حتى في قلب المأساة. كما أن الشهيدة العلوية بنت الهدى، هي قدوتنا المعاصرة، نستلهم منها الشجاعة والعفة والوقوف ضد الطغاة. إننا لا نفتقر إلى النماذج؛ بل نفتقر إلى من يُبرزها إعلاميًا.”
14. كيف تساهمون في إبراز رموز نسوية عراقية في صفوف بدر، سواء أمهات الشهداء، أو الناشطات في الخط الأول؟
“لدينا ملف خاص لتوثيق هذه النماذج، نعمل على نشره من خلال الندوات والكتب والمنشورات، ونقيم مناسبات دورية لتكريمهنّ وإبراز أثرهنّ في المجتمع. قد لا نمتلك إمكانيات إعلام ضخمة، لكن نملك القلوب التي تحفظ الجميل والبطول.”
📌 محور العمل القيادي والتنظيمي
15. بصفتكم مسؤولة عن اللجان النسوية، ما هي الرؤية التي تحاولون بناءها؟ وهل لديكم خطة مستقبلية لتوسيع هذا الدور في باقي الأقضية والنواحي؟
“نحن نبني مشروع “المرأة المجاهدة الواعية”، مشروع يعيد للمرأة هويتها العقائدية والعملية في آنٍ واحد. خططنا المستقبلية العمل على فتح مكاتب فرعية في أقضية النجف، ونطمح لأن تمتد هذه الخلايا التربوية إلى كل محافظات العراق.”
16. كيف تتعاملون مع الفتيات اللواتي لديهن طاقات قيادية؟ وهل هناك برامج لاكتشاف المواهب وتنميتها داخل إطار بدر؟
“نحن نراهن على الجيل الجديد. لدينا برنامج “قياديات بدر”، وهو ورشة تدريبية مستمرة تهدف لصقل المواهب النسوية. كل فتاة تمتلك فكرًا واستعدادًا، تجد فينا حضنًا آمنًا ودربًا مفتوحًا.”
📌 محور شخصي وإنساني
17. من هي الست إيمان الشيباني خارج العمل التنظيمي؟ ما الذي تحبه؟ كيف تعيش حياتها اليومية؟
“أنا أم، وأخت، وامرأة تحب المطالعة، وتقرأ في الفقه والعقيدة. أحب المشي في الأزقة القديمة للنجف، وأعشق صوت القرآن في الفجر. أجد ذاتي في خدمة الناس، وأستنشق المعنى في كل عمل خالص لوجه الله. أوازن بين العمل والحياة الشخصية، العائلة تمثل الرقم الصعب في حياتي كونها النقطة التي انطلقت منها لخدمة مدينتي فكانت ولا تزال عائلتي مصدر دعم غير منقطع.”
18. ما هي اللحظة الأكثر تأثيرًا في مسيرتك النسوية داخل منظمة بدر؟
“نعم، لحظة رؤيتي لطفلة صغيرة تحمل صورة والدها الشهيد، إحد الأخوة المجاهدين في بدر، كانت من أقسى ما مرّ عليّ. نظرتها لم تكن حزينة بل فخورة، وكأنها تقول: “أبي ذهب ليبقى”. عندها أدركت أن دماء الشهداء لا ترحل، بل تتحول إلى نورٍ يُضيء درب الأجيال. تلك الطفلة، بصمتها، زرعت في قلبي عهدًا لا ينكسر.”
📌 محور المرأة والأحداث الإقليمية
19. كيف تقرئين كمثقفة وناشطة نسوية عراقية ما يحدث في المنطقة اليوم، من عدوان على إيران، إلى صراع مع الكيان الصهيوني؟ وهل للمرأة صوت في هذه المواجهة؟
“الصراع لم يعد سياسيًا فقط، بل وجوديًا. والمرأة ليست متفرجة في المعركة، بل هي من تصوغ جيلًا يقاتل، ووعيًا يرفض الاستسلام. نحن نكتب، نربي، نُحضّر، ونؤمن أن صوتنا قد لا يسمع في المحافل، لكنه يُربّي جيلًا يهزم الكيان بسلاح البصيرة.”
20. في ظل كل هذا الزخم، ما هي رسالتكم الأخيرة إلى بنات النجف، وإلى نساء العراق عامة؟ وما الذي تطلبونه منهن في هذه المرحلة التاريخية؟
“رسالتي لهن: لا تخفْن، فالزمن زمنكن. ابنينَ أنفسكن، واثبتن أن العفاف لا يُقيّد، بل يحرر. وكونوا زينبياتٍ لا تلتفتن للضجيج، بل تكتبن التاريخ من جديد. العراق ينتظر منكن ثورةً هادئة، تُعيد له ملامحه المضيئة.”
كل الاحترام للسيدة إيمان الشيباني، التي تجسّد بحق المرأة النجفية في أبهى صورها: وعيًا، عطاءً، وعقيدة.